ينتظم التراث العربي في عصور متمايزة، ما بين جاهلية يتبعها إسلام فخلافة فدول، ولا يكاد شيء يبرز كمشترك أساس بين كل هذه العصور مثلما يبرز الشعر والحب، الشعر ذلك الوعاء الرصين الذي يتشكل بلهيب العاشقين وغرامهم، على لظى إبداعه تتشكل قصص المحبين وتتنوع، وتبقى للقصص المؤثرة منه مكانة تسير بها إلى الخلود وإلى دوام الذكر.
وها نحن من خلال هذا الموضوع نأخذكم في جولة مع أهم وأشهر قصص الحب في التراث العربي.
1- عنترة وعبلة
تُعد أكثر قصص الحب كلاسكية وشهرة، حيث يبرز فيها عنترة ذلك الفارس الشاعر الشجاع كبطل لقصة جاهلية يرنو فيها قلبه ويتعلق بابنة عمه عبلة، لكن مسافات الألوان والعنصرية المتفشية تحول دون أن يتلاقيا على طريق الارتباط والزواج، فعنترة ولد لجارية ومن هنا كانت معاناته الاجتماعية، تحدث مفارقات كثيرة وتسير قصتهما في مضائق السبل إلى أن تتم نهايتها بالزواج؛ عبر انتصارات عنترة وإحرازه مهرًا يليق بعبلة.
2- قيس وليلى
ذلك الثنائي الأشهر في تاريخ المحبين والعاشقين، حيث العصر الأموي مكانًا لحبهما وتفاصيله،تشاركا الطفولة معًا حيث البادية والسكون والجمال، نمت في قلبهما نبة الحب المقدس، فراحت تزرف العيون لتستقي ولتشب، قوبل طلب قيس بالرفض من قبل أهل ليلى، وزوجت جبرًا إلى آخر، ليبدأ قيس المجنون بليلاه في المعاناة والكدر، فشوهد يسير في الطرقات ويهيم في الجبال والوديان مكلمًا ذاته وقائلا على أثير قصته شعرًا كتب له الخلود، فكان المجنون المخلص.
3- كثير وعزة
كثير بن عبد الرحمن الأسود الخزاعي، شاعر أموي شهير، عُرف بحبه لعزة بنت جميل الكنانية، اعتاد قول الشعر فيها كثيرًا حتى ذاع بها بين كل الناس، مما أوصل اسمه أن يقرن بها على مدى الزمان، فهو “كثير عزة” هكذا عُرف وما زال، كأغلب قصص الحب السائرة عبر دياجي التاريخ لم يكتب للعاشقين صعودًا إلى الزواج، بل تزوجت عزة بآخر وهام وراءها كثير بالتقرب والرجاء غير أنه أبدا لم يصل.
4- ابن زيدون وبنت المستكفي
من أشهر قصص الحب التي نمت وشب لهيبها تحت ظلال الأندلس الوارفة، حيث ابن زيدون ذلك الشاعر المرهف ذو الدعة، وتلك ولادة بنت المستكفي ابنة أمير قرطبة، دنا منها الكثيرون غير أن ابن زيدون كان الفارس الأوحد الذي اخترق حجاب قلبها وسكنه حتى الثمالة، ارتبطا وتزوجا ثم حدث الجفاء، وعلى نار قربهما وبعدهما نمت العلاقة وتجذرت وارتفعت أغصانها حتى عنان السماء.
5- توبة وليلى الأخيلية
هنا تم تبادل الأدوار، فهنا ليلى الأخيلية شاعرة مرهفة الحس، جاءت على ذكر حبيها وولها به في أشعارها، فكان توبة هنا متغزل به، عرف توبة بحبه العذري، لكن كما في أغلب القصص حال والد ليلى أن يتم زواجهما، تزوجت ليلى بآخر وبقي توبة يناطح الجبال حبًا في ليلاه، هائما على وجهه في طرقات الحياة.
6- جميل وبثينة
هي قصة حب مرهفة غنية نمت في ظلال العصر الأموي، كانت البداية في مراتع الإبل حيث تشاكلا ودب بينهما خناق، لكن سرعان ما لفت التشاكل بينهما انسجامًا ما وهيامًا تطور لعشق عُذري ذاع وكتب له الخلود، تزوجت بثينة بآخر رغمًا عنها، غير أن أواصر العشق بينهما ظلت شديدة لم تنقطع، عرف حبهما بالعفاف والبعد عن شائن الفعل.
7- ابن رهيمة وزينب
لم تشع قصتهما ولم تأخذ حقها من الانتشار، ربما لأنه كان عشقًا من طرف ابن رهيمة فقط، كان حبه لزينب حبًا رقيقًا عفيفًا، لكن لما شاع ذكرها في شعره، استعداه هشام بن عبد الملك فأمر بضربه 500 سوط، ولاحقه وطارده، غير أنه من بعدها رفض الزواج، وظل طليقًا في بحور عشقه العذري لا يرتجي غيرها ولا يفكر إلا فيها.